القضاء بين الشريعة والقانون
إعداد: فتحي الصراوي
تحليل الدم.. أنقذ العجوز
سورة النور حددت طريقة نفي النسب.. والقانون له 6 وسائل
هذه القضية من القضايا النادرة لنفي النسب.. تزوج العجوز الأسواني من فتاة تصغره ب 25 سنة ثم نزح إلي القاهرة ليعمل "بواب" بعد سنتين فوجئ بزوجته تقيم ضده دعوي نفقة لها ولطفله.. قال العجوز إنه عقيم ولا يمكن أن يكون الطفل ابنه.. أحيلت الأوراق إلي الطب الشرعي وأكد الخبراء استحالة نسب الطفل للعجوز لأن فصيلة دم الطفل تختلف تماما عن فصيلتي دم الزوجين متحدي الفصيلة.. وهذه حالة نادرة الحدوث ولا حاجة لتحاليل للبصمة الوراثية "دي. إن. إيه" فقضت المحكمة بنفي النسب استنادا إلي فصيلة الدم.
المستشار عبدالله الباجا الرئيس بمحكمة استئناف الأسرة يؤكد أن القانون حدد 6 عناصر مهمة يكفي تأكيد واحد منها لنفي النسب.. الأول أن تلد الزوجة قبل 6 أشهر من الزواج.. والثاني أن تلد بعد أكثر من سنة من الطلاق والثالث أن يثبت الزوج عدم التلاقي بين الزوجين والرابع أن تلد بعد أكثر من سنة من وفاة الزوج والخامس أن تثبت الوسائل العلمية الحديثة الموثوق بها عدم نسب الطفل والسادس اللعان.. فما رأي الفقه الإسلامي؟
يجيب الدكتور عبدالفتاح إدريس - أستاذ الفقه الإسلامي بكلية الشريعة بالأزهر - بأن نفي النسب ليس له إلا وسيلة واحدة ينتفي بها نسب الولد من صاحب الفراش وهو الزوج وهذه الوسيلة هي اللعان.. أما العناصر الأخري فهي قرائن تعطي الحق للزواج في الملاعنة وهي المذكورة في آيات سورة النور وكيفيتها أن يقوم الزوج بالحلف بالله 4 مرات أمام القاضي بأنه صادق في ادعائه ضد زوجته ورميه لها بالفاحشة.. ثم يحلف في الخامسة بأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.. ثم تحلف الزوجة بالله 4 مرات أمام القاضي بأن زوجها كاذب فيما ادعاه ضدها وفي الخامسة تقول إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. وبعد ذلك يفرق القاضي بينهما.. أضاف الدكتور إدريس أن أقصر مدة للحمل هي 6 أشهر.. ولكن أقصي مدة فيها آراء كثيرة بين الفقهاء وهذه الآراء تمتد من سنة إلي 4 سنوات ولذلك لا نستطيع اعتبار العناصر الأخري كافية لنفي النسب دون اللعان.. لأن الزوجة لو جاءت بولد بعد عام كامل من طلاقها فإنه يمكن إثبات نسب الطفل إلي الزوج الذي طلقها استنادا إلي بعض هذه الآراء التي قالت بأن أقصي مدة للحمل سنتين.
ولكن لماذا كان اللعان خاصا بالزوج دون الزوجة؟.. بمعني أن الزوج يمكن أن يحصل علي التفريق باللعان إذا شك في أمانة زوجته أما الزوجة فإنها لا يمكن أن تحصل علي هذا الحق باللعان مهما بلغ شكها في الزوج أو إذا تيقنت أنه علي فاحشة فليس أمامها إلا دعوي الزنا؟
يجيب الدكتور عبدالفتاح إدريس بأن هذه الدعوي خاصة بالزوج لأنه يلاعن ليس للتفريق فقط ولكن لنفي النسب وهذا لا يمكن أن يحدث مع الزوجة فإذا كانت الزوجة حاملا وأراد الزوج نفي النسب فليس له طريق في الشريعة إلا اللعان فهو صاحب مصلحة في الملاعنة لأن الولد سوف ينسب إليه.. ولذلك أخذت الشريعة بالأحوط في إثبات هذا الوضع لأن المسألة تتعلق بسمعة أسر ولم تكتف بالأدلة العلمية كالبصمة الوراثية أو تحليل الدم بل جعلتها قرائن مرجحة.. إضافة إلي ذلك فإن هذه التحاليل معرضة للخطأ بأي نسبة.. هذا إذا استبعدنا تعمد الخطأ لانحسار الوازع الديني.. فماذا نفعل لو تم تزوير شهادة البيانات الخاصة بالتحاليل مثل شهادات كثيرة يتم تزويرها.. وماذا لو اختلفت نتائج العينات من تحليل لآخر.. هل نعرض نسب الأسر وأعراضها لأهواء بعض الخبراء؟