حملة القرآن: سمت خاص وسلوك متميز (1)

حملة القرآن: سمت خاص وسلوك متميز (1)
في حروب الردة، كان سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما من ضمن المقاتلين، وقبل الجهاد أوصى بعضهم بعضا بالثبات وعدم الفرار، وكان ردُّ سالم على من أوصوه بذلك أن قال " بئس حامل القرآن أنا إن أوتيتم من قِبَلي"
إن هذا القول يعكس لنا ما للقرآن في نفوس حامليه من أثر بالغ في توجيههم نحو معالي الأمور والعزوف عن سفاسفها، فحامل القرآن يعلم من الله ما لا يعلم غيره، ويطلع من القرآن على ما ينبغي أن يملأ قلبه خشية وخوفا من منزل القرآن جل في علاه
لذلك كانت وصايا الصالحين الأولين بضرورة أن يكون لحملة القرآن الكريم سمت يميزهم عمن عداهم، وينبغي أن تظهر على ملامحهم آثار القرآن الذي يحملونه في صدورهم، وأن يسري فيهم أثره كما تسري الدماء في العروق، فينعكس ذلك على سلوكهم وتصرفاتهم
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال) ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره [أي بصومه] إذا الناس مفطرون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون )
إنه يوضِّح لحامل القرآن مهمته التي ينبغي أن يقوم بها أداء لحق القرآن الذي ائتمنه الله عليه، فيسعى ويجتهد في الوفاء بحق هذه الأمانة
أرأيتم كيف جاء جبريل إلى سيد الخلق صلوات الله عليه في أيام الوحي الأولى يوقظه من نومه معلما إياه أن زمن النوم قد انتهى وجاء وقت الكفاح والعمل:(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ) هل أحسستم معي بهذا لثقل الذي اقض مضجعه صلوات الله عليه فما عاد ينام من الليل إلا قليلا حتى فارق الدنيا؟!
فمن حمل القرآن ثم لم يظهر على سلوكه أثر لذلك فهو على خطر عظيم، وينبغي أن يسارع في العودة مرة ثانية إلى حمى القرآن عملا كما حواه علما وحفظا ، وإلا فقد خان الأمانة التي حُمِّلها، وضيع ما استحفظه الله تعالى من القرآن
يقول الإمام النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن:" ومن آدابه أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن وأن يكون مصونا عن دنئ الاكتساب شريف النفس مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار ) التبيان في آداب حملة القرآن - (1 / 54)
ويقول الفضيل بن عياض رحمه الله:(حامل القرآن: حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو؛ تعظيما لحق القرآن)
وينبغي لحامل القرآن أن يتميز بعزته ورفعته فلا ينزل عن مستواه الذي رفعه الله إليه طلبا لمال أو لدنيا فإن ما معه من القرآن لا تعدله الدنيا وما فيها
يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:( يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس)
وعن الفضيل بن عياض قال:( ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم )
ولقد ذكرتني كلمات الفضيل رحمه الله بموقف للشريف الرضي وهو يمدح الخليفة العباسي المقتدر بالله ، وفي كلامه شموخ وعزة لا تقل عن عزة الخلفاء وشموخهم
مهلا أميرَ المؤمنين فإننـــا في دوحة العلياء لا نتفـرقُ
ما بيننا يومَ الفخار تفــاوتٌ أبدا، كلانا في المعالي مُعـرِقُ
إلا الخلافة ميزتك فإنــني أنا عاطلٌ منها و أنت مُطـوَّقُ

إنها عزة العلماء وشموخهم الذي يرتفعون به على رؤوس الناس، ولا ريب أن مدار العلوم كلها هو القرآن الكريم، فهو المحور الذي دارت حوله جميع الدراسات الإسلامية، فما من علم من علوم الإسلام إلا والقرآن أصل له ومنبع ينهل منه، وأيُّ علم يقوم بمعزل عن القرآن فهراء وباطل وزور
إنني أخاطب نفسي قبل أي أحد أين نحن من هذه الخصال، لقد حملنا الله أمانة الوحي واستودعنا هذا القرآن العظيم فماذا قدمنا للقرآن وماذا غيَّر القرآن فينا من خصال؟؟؟؟؟؟
لقد أساء كثير من حملةالقرآن إليه فهذا ينافس غيره على منصب وكرسي، وهذا يخاصم غيره من أجل حفنة من المال، وهذا يكيد لغيره ليثنيه عن الوصول إلى مأرب يريد هو أن يصل إليه وهذا يذل نفسه ويبعثر كرامته من أجل لقمة من الطعام تتحول في بطنه بع دقائق إلى ما نعلمه جميعا، وهذا وهذا وهذا ، كلها سلوكيات أساءت إلى حملة القرآن الشرفاء فاستهان بهم الناس ولم يعطوهم الاحترام الذي ينبغي لهم بسبب حملة القرآن المزيفين الذين لم يعرفوا من القرآن إلا رسمه وحروفه وضيعوا أوامره ونواهيه وحدوده
فهل نسترجع كرامتنا الضائعة بالعودة إلى حمى القرآن؟؟؟...................لعلنا نفعل!!!

» صاحب مبادرة حرق القرآن بتجاهل تحذيرات قائد القوات الأمريكية في أفغانستان
» حملة الحلاقة الامنة
» حملة [ المشتاقــون للـع ـــتق ]
» حملة لانتخاب عمر سليمان رئيسا لمصر
» حملة صحفية لتشويه الجماعات الإسلامية