فؤاد عزام فضيلة الدكتور
المشاركات : 379 التقييم : 10 النشاط : 591 سجل فى : 15/12/2009
أوسمة العضو :
| موضوع: قراءة في كتاب : فـقــه الصيـــام الجمعة أغسطس 20, 2010 11:42 am | |
| تشوفت إلى التريض بين جنبات الحقول الخضراء والمياه الجارية وتاقت نفسي إلى نشقة من النسيم العليل ، فانتظرت حتى إذا مالت الشمس إلى المغيب وانكسرت أشعتها الحارة , وأخذ الهواء يميل إلى برودة لطيفة والعصافير ترجع ألحانها الآسرة والشياة تثغو بين أيدي الرعاة والزراع ينقلبون إلى بيوتهم تصحبهم أنعامهم تتهادى من بين أيديهم ومن خلفهم ، وبينا أسير في هذه اللوحة الريفية الساحرة إذا بي ألمح صاحبا لي من قديم وقد جلس جلسته المعهودة تحت شجرة توت عتيقة قد مالت أغصانها وحنت عليه كما تحنو الأم على رضيعها , أما هو فلم يزل كما كنت أعرفه قد جلس منكبا على كتاب وقد ذهل عن الكون من حوله وكأنما يقرأ بكله لا بعينه فقط . اتجهت إليه وسلمت عليه فرد السلام باسما مرحبا فجلست وسألته : أما زلت تدمن القراءة وتؤثر صحبة الكتاب على صحبة الأحباب إني أحيانا أتخيلك ولدت وفي يدك كتاب فكأنه جزء زائد في جسمك على أجسام الناس !! ابتسم صاحبي وقال : يا أخي الأمر ببساطة أنني إن قرأت سأعرف وإن لم أقرأ فلن أعرف وفي الحالتين العمر يحترق لا يني ولا يفتر من المسير إلى الأمام فلماذا لا أقرأ ؟ ولماذا لا أعرف ؟ قلت لصاحبي: أنت نفسك قلت العمر يحترق ويمر وينقضي فما الفائدة إذن من إهلاكه في القراءة ومعاناة الفهم ؟ أقصد ..هلا جعلت للقراءة جزءا من وقت فراغك واستمعت بباقيه في لهو تروح به عن نفسك ؟ ابتسم صاحبي قائلا: ذكرتني بقول شوقي في مسرحية مصرع كليو باترا على لسان ( أنشو ) مضحك الملكة وهو يقول لــــــ ( زينون) أمين المكتبة : هب الليل طال فقطعته بدرس وأصبحت تفني النهار وأقبلت بالكتب تطوي الطوال وتنشر في إثرهن القصار وزدت على الأرض علم السماء كبار كواكبها والصغار إذا ما نفقت ومات الحمار أبينك فرق وبين الـــ...؟ وتعالت ضحكاتنا ثم قلت ..كلا يا أخي أعلى الله قدرك , أما وجد شاعرك غير الذي يحمل الأسفار ولا يدري ما فيها ؟ إننا كأمة إسلامية نمتاز عن غيرنا بأن أو كلمة نزلت إلينا من السماء هي : اقـــــــــــــــرأ . قال صاحبي : صدقت ..ولقد قرأت مؤخرا أن متوسط ما يقرأه الشخص الغربي في الشهر ستة كتب , وتحسرت في نفسي لأن أمة قيل لها : اقرأ ..تقريبا ..هي لا تقرأ. قلت صاحبي .. دعك من حديث الأسى وداعي الحسرة , وأخبرني ماذا تقرأ الآن؟ قال صاحبي ، في مناسبة هذا الشهر الكريم شهر الصيام ، تذكرت أن لدي كتابا قيما في موضوع الصوم فأحببت أن أعيد قراءته ، ولقد قرأت يوما أن قراءة كتاب واحد ثلاث مرات خير من قراءة ثلاثة كتب كل كتاب مرة واحدة. وهذا القول أعده من الحكمة رغم أنف مجانين ما يسمى (القراءة التصويرية ). ياصاحبي هذا الكتاب اسمه ( فقه الصيام ) ومؤلفه هو الدكتور يوسف القرضاوي أمد الله في عمره وألبسه ثوب العافية . قلت لصاحبي : جزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين لقد زادت مؤلفاته على مائة وخمسين كتابا في كل فروع الثقافة الإسلامية , ويدهشني منه حرارة قلبه والتهاب عاطفته وحماسه لدينه مع تقدمه في العمر, وهذا كله أراه ظاهرا عندما أشاهده في القنوات الفضائية , فهلا أتحفتني ببعض ما تناوله من موضوعات في هذا الكتاب ؟ قال لي صاحبي : لقد تعرض الشيخ في هذا الكتاب لمسائل كثيرة , وأهم ما يميزه هو عرضه الميسر ، ومراعاته لأحوال العصر ومستجداته , وهذا هو الفقه وهذا هو الفقيه . فمثلا تعلم أن الدورة الشهرية للمرأة تمنعها من الصيام وتوجب عليه الفطر والقضاء بعد رمضان فما تقول في تناول المرأة لأقراص تمنع الدورة الشهرية حتى تصوم الشهر كاملا ؟ قلت لصاحبي هذا تحايل على الفطرة التي فطر الله الناس عليها , و... قاطعني صاحبي : مهلا مهلا .. إن الفتوى تتبع الدليل فهل تعرف دليلا من الشرع يحرم ذلك ؟ قلت : الله أعلم , وماذا قال الشيخ في ذلك ؟ قال صاحبي : لم يجد الشيخ دليلا على تحريم هذا الصنيع فقال بحله بشرط ألا يحصل منه ضرر صحي وأن يكون ذلك باستشارة طبيب حاذق , وإن كان الأفضل من ذلك كله أن تساير المـــــــــــرأة الفطرة وأن تكون على طبيعتها فهذا شيء كتبه الله تعالى على بنات آدم . قلت لصاحبي : لقد سمعت أن بعض النساء وهن في أيام الدورة الشهرية في رمضان يؤثرن الصيام مراعاة لحرمة اليوم مع أنهن يقضينه بعد ذلك !! قال صاحبي : لقد سمعت في خطبة الجمعة الماضية من عالم كبير في بلدتنا أن هذا الصنيع جهل مركب ؛ لأنه يعارض إرادة الله الذي أمرهن بالفطر ولم يقبل منهن صوما , وفي ذلك رحمة بهن ومراعاة لحالتهن الصحية والنفسية . والله تعالى يحب أن يعبد بصحيح النقول لا بمستحسنات العقول . قلت : فلنعد إلى هذا الكتاب الثمين ، ودعني أسأل : هل تعرض الشيخ لمسألة الدم المتتابع الذي يتعدى أيام الدورة الشهرية للمرأة ولا ينقطع ؟ قال صاحبي : نعم , تعرض لهذه المسألة وقال إن هذا الدم ليس بدم حيض ولكنه ( نزيف ) وكل امرأة تعرف نفسها وتعرف عادة جسمها ومدة حيضها وما زاد على ذلك فهو دم يعرف في الفقه بأنه ( استحاضة ) وهو لا يمنع الصوم ولا الصلاة ولا اللقاء بين الزوجين . ..وهنا قطع حديثنا صوت يقول : السلام عليكم ...رمضان كريم .. ونظرنا فإذا هو شاب ظريف نعرفه , طويل القامة باسم الوجه دائما , لم يستكمل تعليمه مع أنه شعلة ذكاء , لا يلقى أحدا من طلاب العلم الشرعي إلا فاتحه في مسألة فقهية وطلب إليه حلها وبعد أن يلف صاحبه ويدور يقول له لقد سمعت الشيخ فلان وهو يقول فيها كذا وكذا ويعيد ما قاله كاملا !! رددنا السلام ودعونه للجلوس فأقبل إلينا وصافحنا ثم جلس واندفع يقول ما رأيكم في صيام أخي الذي يسافر إلى القاهرة في سيارة مكيفية ذاهبا وآيبا دون تعب ولا إرهاق هل يجوز له الفطر ؟ قال صاحبي : الحمد لله أن أتيت الآن يا أبا محمود وفي يدي كتاب حبيبك الشيخ القرضاوي . قال أبو محمود : نعم أحبه ولا تفوتني حلقة من برنامجه ( الشريعة والحياة ). قلت لصاحبي : وماذا قال في مسألة المسافر ( المتكيف ) هل يفطر ؟ قال صاحبي : لقد قال الشيخ إن (( السفر بالوسائل العصرية لا يسقط الرخص الشرعية ....فهي صدقة تصدق الله بها علينا فلا يليق بنا أن نرفضها .....والسفر أيا كانت وسيلته لا يخلو من نوع مشقة , والإنسان إذا لم يكن في داره ومحل إقامته واستقراره لا يخلو من قلق ومعاناة , وللسفر في عصرنا متاعب أخرى نفسية وعصبية يعرفها الذين يعانون الأسفار فليست المشقة البدنية هي كل شيء )) قال أبو محمود : ولكن هل يجوز الفطر في كل سفر ؟ قال صاحبي : تعرض الشيخ لهذه المسألة وأشار إلى أن المشهور في فقه المذاهب أن السفر المبيح للفطر يقدر بنحو مسافة 80أو 90 كيلوا مترا ولكن ابن القيم رحمه الله يقول : ((ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحد ولا صح عنه في ذلك شيء وقد أفطر دحية بن خليفة الكلبي في سفر ثلاثة أميال وقال لم صام قد رغبوا عن هدي محمد صلى الله عليه وسلم )). وقد كانوا يفطرون حتى قبل أن يخرجوا من البلدة وهذا ثابت عن كثير منهم فمثلا قال محمد بن كعب رضي الله عنه : أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا وقد رُحِّلَت له راحلته وقد لبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له : سُنَّةٌ ؟ قال : سنة ، ثم ركب . قال أبو محمود فتح الله عليكما وأستأذن لكي أوقف ماكينة الري وقد اقترب أذان المغرب . قلت لصاحبي ، ولكن هناك شيئا يحيك في النفس من مسألة صيام المسافر هذه ؟ قال : وما ذاك ؟ قلت : مثلا رجل يعمل في العاشر من رمضان ويسافر يوميا ويعود وقد رتب حياته على هذا النظام ووسيلة سفره مريحة إلى حد ما فهل يقضي كل رمضاناته مفطرا عملا بالرخصة ؟ قال صاحبي : أجد في الكتاب الذي نتدراسه حلا لهذه المسألة ؟ قلت : أدركني به . قال : عالج الشيخ مسألة : ((أيهما أفضل للمسافر : الصوم أو الفطر ؟ )) ثم أشار إلى أن الأئمة أبا حنيفة ومالكا والشافعي رضي الله عنهم قالوا : الصوم أفضل لمن قوي عليه , وحجتهم في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر ولا يأخذ لنفسه إلا بما هو الأفضل , ولأن المرء قد يتغافل عن قضائه فيدركه الأجل ولم تبرأ ذمته . ثم أشار إلى أن الأئمة : الأوزاعي وأحمد وإسحاق رضي الله عنهم قالوا : الفطر أفضل عملا بالرخصة . ثم ذكر الشيخ أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : الأفضل هو الأيسر على الشخص صوما كان أو فطرا . قلت : ما زدتني إلا حيرة . قال صاحبي : صبرا ...فقد رجح الشيخ قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في كون الأفضلية تختلف من شخص لآخر على قدر الطاقة , فما خير سول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما . وما أرى الشيخ قال بذلك إلا لتنوع الأدلة في المسألة . قلت : هل معنى ذلك أن من يعتاد السفر يوميا لمحل عمله البعيد يفضل له أن يصوم ؟. قال صاحبي : عليه أن ينظر فيتخير الأيسر عليه والأفضل له . قلت :الأفضل لنا الآن أن نقوم فقد اقترب المغرب ولم يعد في قوس الصبر منزع . قال صاحبي وهو يفارق صحابته ( شجرة التوت ) صدقت فهيا بنا ..سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ألا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك ,بسم اللهالرحمن الرحيم والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر . وتأبطت ذراع صاحبي وهمست في أذنه : هل يمكن أن أستعير منك هذا الكتاب ؟ قال صاحبي : لقد مضي زمن إعارة الكتب وأصبحنا في زمن إهداء ( الروابط ) فإليك الرابط وأتمنى أن يكون لديك برنامج الأكروبات حتى تتمكن من قراءته ...
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [/font][/size][/b][/center]
عدل سابقا من قبل فؤاد عزام في الثلاثاء أغسطس 24, 2010 9:27 am عدل 2 مرات | |
|
أشرف صلاح نائب المدير
المشاركات : 1187 التقييم : 4 النشاط : 2556 سجل فى : 07/06/2009
أوسمة العضو :
الموقع : إدارة المنتدى
| موضوع: رد: قراءة في كتاب : فـقــه الصيـــام الجمعة أغسطس 20, 2010 10:36 pm | |
| جزاكم الله خيرا على هذا السرد الشيق والمشوق
ومشكور على الرابط
| |
|
فؤاد عزام فضيلة الدكتور
المشاركات : 379 التقييم : 10 النشاط : 591 سجل فى : 15/12/2009
أوسمة العضو :
| موضوع: رد: قراءة في كتاب : فـقــه الصيـــام الجمعة أغسطس 20, 2010 11:24 pm | |
| جزاكم الله خيرا وأدام الله ( روابط ) المحبة بيننا | |
|