قام بالرد على الفتوى الدكتور محمد عبر الايميل
لا تخفى أهمية الصلاة ومكانتها في شريعتنا الإسلامية ولا تسقط الصلاة عن أحد إلا إذا خرج عن دائرة التكليف، وهذا الرجل المسن الذي لا يستطيع الحراك الكائن في شبه غيبوبة يصلي على حاله بقدر الاستطاعة وإن لم يستطع الوضوء ولا التيمم حتى لو كان عليه نجاسة لا يستطيع إزالتها؛ لأن تأخير الصلاة حرام لا يجوز، فإذا دخل الوقت يصلي هذا الشخص وأمثاله الصلاة المفروضة فقط كما هو مذهب طائفة من أهل العلم قال الإمام البخاري في صحيحه :[ باب إذا لم يجد ماءً ولا تراباً ]
روى بسنده عن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة فهلكت - أي ضاعت - فبعث رسول الله صلى الله عليه رجالاً فوجدوها فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا وشكوا ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم ) ورواه مسلم وغيره .
قال الحافظ ابن حجر :[ فيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين ووجهه أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ] فتح الباري 1/456 .
فهؤلاء الصحابة صلّوا بدون وضوء وبدون تيمم فأقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك فهذا يدل على أن الصلاة لا تسقط عن فاقد الطهورين - الماء والتراب - ويدل على ذلك أيضاً قول الرسول صلى
الله عليه وسلم ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ) رواه البخاري ومسلم .
وهذا الشخص وأمثاله لا إعاده عليهم حسب ظاهر حديث عائشة فالرسول صلى الله عليه وسلم لما أخبروه أنهم صلوا بدون طهارة لم يأمرهم بالإعادة ، ولأن في الإعادة نوع من الحرج والمشقة .
ودين الإسلام قائم على اليسر والسهولة ورفع الحرج، قال تعالى ( جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) وقال تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) وبناء على ذلك فإن المريض يتطهر بقدر الإمكان، فإذا أمكنه أن يتطهر الطهور الكامل فبها ونعمت، وإلا فبقدر الاستطاعة . فإذا لم يستطع أن يتوضأ بنفسه فيوضئه غيره، وعليه أن يطهر بدنه من النجاسة وأن يصلي بثياب طاهرة فإن كان لا يستطيع صلّى على حاله وصلاته صحيحة، وكذلك الحال بالنسبة للمكان إن أمكن تطهيره فإنه يطهر، وإلا صلى فيه،
ولا يجوز للمريض أن يؤخر الصلاة عن وقتها من أجل العجز عن الطهارة بل يتطهر بقدر ما يمكنه ثم يصلي الصلاة في وقتها ولو كان على بدنه أو ثوبه أو مكانه نجاسة يعجز عن إزالتها .
وحكمه حكم فاقد الطهورين، فيصلي حسب استطاعته ولا يكلف أكثر من ذلك، ولا تسقط الصلاة عنه مادام يعي ويفهم ويعقل، وهذا من يسر الشريعة . والله أعلى وأعلم وأعز وأحكم .