زاد في الآونة الأخيرة الإهتمام بالطب التكميلي ليس في العالم العربي فحسب ، بل في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية حيث زادت نسبة مبيعات الأدوية من الطب التكميلي إلى ملايين الدولارات سنوياً ومع زيادة الإهتمام بالطب التكميلي كان لا بد من إلقاء مزيد من الضوء عليه وإجراء مزيد من الأبحاث عن تأثيره في علاج العديد من الأمراض ، يعرف الطب التكميلي بأن كل وسيلة طبية يتم استخدامها في علاج الأمراض ، لكنها لا تخضع لاشتراطات الطب الحديث من حيث تدرج إجراء الأبحاث قبل السماح باستخدام أنواع العلاج .
تنقسم أنواع الطب التكميلي إلى عدة أقسام منها على سبيل المثال لا الحصر ، العلاج بالأشكال الهندسية والعلاج بالأوزون والعلاج بالأعشاب والنباتات الطبية التي تعتبر أشهرها جميعا ، كما يندرج تحته أنواع أخرى مثل الحجامة والعلاج بعسل النحل وغيرها . وكخطوة أساسية لا بد من الإهتمام أولاً بدرجة أمان الوسيلة المستخدمة في العلاج ، حيث أنه من غير المعقول استخدام وسائل تضر المريض .
يقول الدكتور حسام عبد اللطيف أستاذ ورئيس قسم طب الكبد بالمعهد القومي للكبد بشبين الكوم بمصر أن من أكبر الآثار الضارة للطب التكميلي ليس عدم الجزم بكفاءة الوسيلة في علاج المرض ، لكن قد يكون استخدام هذه الوسائل يؤدي إلى الإمتناع أو تأخير استخدام وسيلة علاج أخرى قد يكون فيها الشفاء للمريض .
وعلى عكس المعتقد أن العلاج بالطبيعة غير ضار بالإنسان توجد نباتات كثيرة سامة مثل النباتات البرية ، أي أنه ليس كل ما هو طبيعي آمناً ، كما أن تكلفة العلاجات باهظة ، وقد اهتم العالم في الآونة الأخيرة بإجراء المزيد من الأبحاث على طرق العلاج التكميلي بعد أن ثبت أن هناك دواء من الأعشاب يستخدم للتخسيس شاع استعماله في بلجيكا أدى إلى إصابة 40 شخصاً بأورام في المسالك البولية . كما تم إغلاق مصنع للكريمات وأدوية التخسيس المحضرة من مواد طبيعية بأستراليا وكانت تصدره إلى جميع دول العالم ، بعد ثبوت وجود شوائب ضارة في الأعشاب المستخدمة في إنتاج تلك الأدوية والكريمات تؤدي إلى أمراض خطرة ،لذلك من المهم إجراء المزيد من الأبحاث على المواد المستخدمة في تصنيع مثل هذه الأدوية ثم السماح باستعمالها .
بالنسبة لطرق العلاج المستخدمة منذ القدم فقد كان استخدامها بكثرة في وقتها لعدم وجود أية وسائل أخرى للعلاج ، مع انخفاض نسبة الشفاء عند استخدامها ، لكن في العصر الحديث يجب عمل الدراسات العلمية الكافية التي تثبت بوجه اليقين نجاح تلك الطرق في علاج الأمراض .
فالمعروف أن الحجامة على سبيل المثال تقوم بتنشيط الأعصاب الموضعية الموجودة مكان أحداث الجروح بالشرط ، فتؤدي إلى تشتيت انتباه الجهاز العصبي عن المكان الأساسي للألم ، مما يزيد من إحساس المريض بالراحة وزوال الألم الأصلي لكن الحجامة لا تقوم بعلاج المرض الأصلي مثل الإنزلاق الغضروفي أو الكسور أو خشونة الركبة .
كما أن عسل النحل له كثير من الفوائد المعروفة ومنها ما لم نعرفه حتى الآن ، وهو في الأصل غذاء مفيد واستخدامه مفيد في كل الأحوال ، ليس بالضرورة لعلاج مرض معين ، لكن يجب في نفس الوقت حرص المرضى المصابين بداء السكر من الإفراط في استخدامه .
ومن أمثلة الطب التكميلي المستخدم في علاج أمراض الكبد الأدوية التي تم استخدامها كمنشطات للكبد ، وعلى رأسها ما يعرف باسم نبات " السيليمارين " ويستخدم في إنتاج مستحضرات طبية مختلفة ويستخدمه الأوروبيون منذعدة قرون لعلاج الصفراء وأمراض الكبد ، ويوجد منه محلول يستخدم في الوريد لعلاج التسمم الناتج عن تناول أنواع معينة من الفطريات السامة للكبد ، وهذا النبات مضاد للأكسدة ، وهناك احتمال أن يكون له تأثير جيد في منع زيادة تليف الكبد .
ومثل هذا النبات يوجد دواء الحبة الصفراء المستخرج من نبات صيني يسمى " شيزاندران " والذي استخدمه الصينيون واليابانيون لعدة قرون لعلاج الأرق والضعف العام وسوء الشهية ، كما تم استخدامه منذ عدة سنوات لعلاج الإلتهاب الكبدي الفيروسي " بي " وحديثا زاد انتشاره في العالم العربي لعلاج الإلتهاب الكبدي والفيروسي " سي " حيث لحظ أنه يؤدي إلى تحسين أنزيمات الكبد ، لكن يجب تجربته بالقدر الكافي لتحديد جميع الآثار الخاصة به .
كما تبين بعض الأبحاث أن المادة المستخلصة من نبات العرقسوس تؤدي إلى تحسين في وظائف الكبد وتمنع الأكسدة ويوجد مستحضر في اليابان عالي التركيز من هذا النبات يتم إعطاؤه في الوريد ، وقد أدى إلى التخلص من الفيروس عند بعض المرضى .
وهناك عقار جديد يتم استخدامه في الصين واليابان يسمى " شوسيكوتو " يستعمله مرضى المبد وهو من أثل نباتي وثبت أنه يمنع تطور تليف المبد ويمنع حدوث الأورام السرطانية في المرضى المصابين بالفيروس الكبدي " سي " .
وتشير الأبحاث إلى أن العلاج بالأوزون يحسن الحالة العامة لمريض الإلتهاب الكبدي " سي " لكت التحسن في الحالة العامة فقط حيث أن الفيروس يعيش في الدم وفي خلايا الكبد وفي أنسجة أخرى من الجسم ، ولم يثبت بالدليل القاطع أن استخدام الأوزون أدى إلى القضاء على الفيروس في أي من المرضى المصابين بالإلتهاب الكبدي " سي " وهناك وسيلة أخرى تستخدم في علاج مرضى يتم سحب الدم من المريض – كما يحدث لمرض الفشل الكلوي – ويتم تسخين الدم خارج الجسم إلى درجة حرارة عالية ثم يعاد ضخه داخل الجسم ، لكن لم يثبت أن هذه الطريقة قضت تماماً على الفيروس " سي " لأن الفيروس " سي " لا يعيش فقط في الدم ، لكنه يوجد في خلايا الكبد والأنسجة الأخرى ، وحتى بافتراض قتل الفيروس " سي " في الدم عن طريق التسخين ، فهذا لا يعني بالضرورة القضاء عليه في الكبد والأنسجة الأخرى ، فمع تكاثر الفيروس في الكبد والأنسجة الأخرى ، يخرج المزيد منه إلى الدم بعد مرحلة التسخين .
وهناك مجموعة من المرضى في أوروبا تعتقد في وسيلة علاج غريبة وهي العلاج بالبول البشري ، حيث يعتقدون أنه سائل معقم يخرج من الجسم ، وأن شربه أو الإستحمام به يكون مفيداً ، وقد يكون استناداً إلى هذه الفكرة أو النظريات انتشرت مؤخراً طريقة العلاج بشرب بول الإبل ، وقد يرجع ذلك نظرياً إلى تناول بعض الإبل بعض النباتات الصحراية التي تم إفرازها في بول الإبل ، وتؤدي إلى تحسين أنزيمات الكبد ، لكنها قطعاً لا تؤدي إلى القضاء على الفيروس " سي " .
من الوسائل المستخدمة في الطب التكميلي أيضاً العلاج الروحي والعلاج بالإيحاء والعلاج باليوجا ، وحديثاً أفاد بحث علمي حدوث تحسن حالة مرضى الكبد الحريصين على الصلاة مما يعني أهمية الجانبين النفسي والروحي في العلاج ، وقد يكون هذا عن طريق تغيير جهاز المناعة بالجسم نتيجة قوة العقيدة والإيمان .
وفي بحث علمي تم إجراؤه على بعض قرى محافظة أسيوط بصعيد مصر تبين أن 4 % من حالات الكسور في تلك القرى يتعامل من يطلقون عليه " المجيراتي " مما يعرض صحة المصابين للخطر والمضاعفات ، وأن 20 % من ختان الذكور يقوم بها الحلاق و 2 % من حالات الحمى يتم علاجها بالطب الشعبي و 45 % من حالات الولادة تقوم بها الداية .
وتشير بعض الأبحاث إلى أن الأعشاب لها فاعلية في العلاج السليم ، مثل المستحضرات النباتية " كالسنا " التي تعتبر من أفضل الملينات ، ومازال الأفيون ومستحضراته من أفضل مضادات الألم ، وأوراق نبات قفاز الثعلب " أصابع العذراء " من أنجح الأدوية المقوية للقلب والمنظمة لعمله .
وفي النهاية فإن الباحثين انتبهوا إلى أنه ليس هناك طب تقليدي وآخر تكميلي لكن هناك طب تم بحثه وتجربته وثبت نجاحه ، وهناك طب لم تتم تجربته ولم يثبت نجاحه ويعتبر استخدامه نوعاً من المغامرة الشخصية غير مأمونة العواقب