أهمية المسجد في حياة المسلمين من خلال هجرة سيد المرسلين

أهمية المسجد في حياة المسلمين

إن من أكبر الدروس التي تُستنبط من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الاهتمام بالمسجد والعناية به قبل أي شيء في حياة المسلم كركيزة أساسية في بناء المجتمع المسلم , بل إن شئت أخي الكريم فقل : إن المسجد هو عمود المجتمع المسلم , وأنه لا يمكن أن يكون هناك مجتمع مسلم بدون مسجد .
وهذا ما نلاحظه من حرص النبي صلى الله عليه وسلم أول وصوله إلى المدينة المنورة , وذلك لعلمه صلى الله عليه وسلم وليُعَلّم أمته أيضا أن المساجد هي محل قلوب المؤمنين , فيها تحيا , وفيها تجتمع وتأتلف , يقول الإمام ابن كثير عند تفسير قوله تعالى : (( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ )) ( سورة النور . الآية 36 ) : " لما ضرب الله تعالى مثل قلب المؤمن وما فيه من الهدى والعلم بالمصباح في الزجاجة الصافية المتوقد من زيت طيب وذلك كالقنديل مثلا , ذكر محلها وهي المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى من الأرض وهي بيوته التي يُعبد فيها ويُوَحَّد " ( تفسير ابن كثير 3/282) .
وليس أدل على أهمية المسجد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم منذ خطت قدمه الشريفة أول خطوة على أرض المدينة المنورة , مع أنه كان من الطبيعي أن يُشغل الرسول صلى الله عليه وسلم ببناء بيوت الدنيا والمعاش لأنهم غرباء , ولكنه صلى الله عليه وسلم شُغل ببناء بيت الله عز وجل للدلالة على أن أمر الدين عند المسلم لابد أن يكون أهم من أمر الدنيا , وذلك لأن أمر المعاش ينفع الإنسان فترة محددة وهي مدة بقائه حيا , أما أمر الدين إنما يحكمه دنيا وأخرى , ويدلنا أيضا أن أمر الدين أمر فطري عند الإنسان ذوي الفطرة النقية السليمة , ويدلنا أيضا أنه إذا أراد الإنسان أن يحقق التوازن لنفسه لابد أن يهتم بروحه التي هي من الله كما يهتم ببدنه الذي هو من الأرض , والمساجد هي أهم الأماكن التي تكون فيها الروح متصلة بخالقها حيث الجو الإيماني والروحاني .
ومن أهم الدلالات التي تُستنبط من اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يكون أول عمل له في المدينة هو بناء المسجد الإشارة إلى أن إقامة المسجد هو خطوة أولية وهامة في تكامل بناء المجتمع المسلم , وذلك لأن المسجد يتمم وظيفة البيت فيعطي المسلم الفرصة للممارسة العملية لما يتعلمه أو يعلمه لأبنائه من قيم إيمانية أخلاقية في بيته .
فإذا أمر الوالد أبناءه بالصلاة وعلمهم إياها وحثهم على المحافظة على صلاة الجماعة كان المسجد هو المكان المناسب والوحيد لتطبيق هذه الشعائر عمليا , كذلك ينطبق هذا الكلام على معاملة الناس مع بعضهم البعض إلى غير ذلك ..........
وذلك لأن " المسجد يكمِّل بناء المجتمع ويدعمه , ويقوي أركانه , ويعمق في النفوس الإحساس بالفضائل التي غرستها الأسرة, بل يغذيها وينميها , ويتعاون مع الأسرة في بناء المجتمع الراشد المتجه نحو الغاية التي لا غاية وراءها , وهي هداية الناس بنقلهم من الضلال إلى الهدى , لتستقيم الإنسانية كلها على طريق عبادة الله في هذه الدنيا ". ( المسجد وأثره في المجتمع الإسلامي . ص : 20 ).
وللمسجد أيضا أهميات أخرى في حياة المسلمين نستشفهما من وظائف مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ حيث كانت تُقضى فيه كافة مصالح المسلمين في كافة النواحي الاقتصادية , والسياسية , والاجتماعية , والتعليمية , بالإضافة إلى الوظيفة الأساسية وهي إقامة الشعائر الدينية .
فندعو الله عز وجل أن يجعلنا من المحبين للمساجد وعمّارها .

هذا وبالله تعالى التوفيق
وهناك الكثير من الدروس والعبر أدعو إخواني أعضاء المنتدى لنستفيد من علمهم