وماذا بعد ؟!
إنقاذ البشرية .. من حرب دينية
خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg
الله وحده يعلم علم اليقين بالنتائج الكارثية التي كانت ستتعرض لها المصالح الأمريكية في العالم كله والسلام العالمي لو كان القس الأمريكي شديد التطرف أو بمعني أصح "المخبول" تيري جونز نفذ تهديده وأحرق نسخاً من القرآن الكريم.
لذا.. تعرض القس لضغوط وُصفت بأنها "عاتية" من الإدارة الأمريكية والبنتاجون ووكالة المخابرات المركزية لمنعه من تنفيذ تهديده وحذرته من مخاطر هذه الخطوة غير المبررة علي مصالح أمريكا حتي استجاب للضغوط وأعلن تراجعه النهائي عن حرق المصحف حتي لو أقيم المسجد المزمع إنشاؤه بالقرب من موقع برجي التجارة العالمي في جراوند زيرو.
* * *
والآن.. يثور سؤال مهم: لماذا يكره البعض الإسلام إلي هذه الدرجة؟!
من المؤكد أن الغالبية العظمي من الغربيين يحترمون الإسلام ورموزه وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
صحيح أن أوباما في رفضه لخطة القس انحاز لمصالح أمريكا وهذا حقه وأثبت أنه كان بعيد النظر أكثر من القس ومؤيديه القليلين.. إلا أنه أكد أيضاً أن عدو أمريكا الحقيقي هو تنظيم القاعدة وليس الإسلام.
وهناك جاليات مسلمة كبيرة ومواطنون مسلمون في كل القارات.. ولا تتعرض للاضطهاد أو التنكيل أو الاعتداء إلا من فئة قليلة. كما لا يُساء إلي الإسلام ورموزه سوي من شواذ من عينة تيري جونز.
مثلاً.. فاجأنا رسام كاريكاتير دانماركي برسوم مسيئة للرسول.. والبعض يصنع أحذية وينقش عليها لفظ الجلالة أو أسماء الرسول والصحابة.
.. ومثلاً أيضاً.. قام متطرف ألماني بتمزيق جسد الصيدلانية مروة الشربيني داخل ساحة محكمة لمجرد أنها دافعت عن حجابها.
.. ومثلاً كذلك.. قام صاحب ملهي ليلي في إسبانيا بإنشاء ملهاه علي شكل مسجد له قبة.. وأطلق عليه اسم "مكة".. وأعتقد أنه سيكون لذلك ردود فعل عنيفة.
وأخيراً.. جاء القس تيري جونز مسئول كنيسة جينسفيل الصغيرة بولاية فلوريدا وهدد بإحراق نسخ من المصحف يوم 11 سبتمبر إذا تم بناء مسجد قرب موقع برجي التجارة العالمي بنيويورك.
* * *
لقد ظل العالم كله يحبس أنفاسه طوال الأيام الماضية.. وكلما اقتربنا من يوم 11 سبتمبر ازداد الضغط العصبي علي جميع زعماء العالم لأنهم يعلمون جيداً ماذا يعني حرق المصحف بالنسبة للمسلمين.. فالنتائج ستكون حتماً مدمرة وأفدح مما حدث قبل تسع سنوات.
الغريب والذي يدعو للدهشة والعجب أن هذا القس فاقد الأهلية. أعلن أنه لم يقرأ القرآن الكريم ولا يعلم محتوياته.
والسؤال: مادُمت لم تقرأه ولا تعرف محتواه.. فعلي أي أساس تريد حرقه. وتقول لمحطة "إن.بي.سي" الأمريكية إن هدف كنيستك كان إظهار أن هناك عنصراً في الإسلام خطيراً للغاية ومتطرفاً؟!
لا أدري.. أهو كلام مجانين أم متطرفين أم مخبولين أم طالبي شهرة؟!
* * *
من المؤكد.. أن هذا الأهوج لا يمت بأي صلة لأي دين سماوي.
المسيحية دين يدعو للسلام وللحب.. وسيدنا عيسي عليه السلام كان رمزاً للتسامح.
والإسلام دين يدعو ويحث علي السلام والحب والمعاملة الحسنة بنص عشرات الآيات القرآنية.. وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كان مثالاً للتسامح حتي مع أعدائه.
هل كان يظن هذا القس أنه إذا أحرق بعض النسخ من المصحف أو حتي أحرق كل مصاحف الدنيا سيختفي القرآن من الوجود؟!
إنه واهم.. وليته يقرأ القرآن ويتوقف أمام الآية الكريمة: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
القرآن أيها القس محفوظ في الصدور والأفئدة بأمر من اللَّه سبحانه وتعالي.. ولا يمكن أن يُمحَي حتي يرث اللَّه الأرض ومن عليها.
* * *
خلاصة القول.. فإن عملاً مجنوناً كان سيرتكبه هذا الأهوج.. كفيل باندلاع حرب دينية مدمرة دفاعاً عن القرآن وثأراً لإهانته.
والبشرية ليست في حاجة إلي مزيد من الحروب.. فما بالك لو كانت حرباً دينية؟!