من الواقع
ماذا لو أحرق القس القرآن الكريم؟!!
محمد فودة
أثار القس الأمريكي تيري جونز زوبعة عالمية بإعلانه عن نيته حرق المصحف في مناسبة ذكري 11 سبتمبر التي وقعت عام 2001 وتم خلالها تدمير برجي التجارة العالميين في نيويورك بواسطة طائرتين مدنيتين اصطدمتا بهما فانهارا علي الفور.
القس بهذا الإجراء ـ الذي لم يتم ـ كان يريد تحقير الدين الإسلامي بحرقه الكتاب المقدس "القرآن الكريم" وهو بهذا كان سيشعل عداء أبدياً بين المسيحيين والمسلمين في أنحاء العالم.
طبعاً الرأي العام في العالم الإسلامي والمنظمات الإسلامية أثارت عاصفة احتجاجية عاتية ضد هذا العمل الأخرق دفاعاً عن دينهم ومعتقداتهم وكتابهم المقدس.
والحقيقة أن أغلب المسيحيين في أنحاء العالم أعلنوا رفضهم للتصرف الذي كان القس ينوي فعله.. وكان في مقدمتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما.. وكانت نظرته أبعد من كل من تعاطفوا أو أيدوا القس لأنه نظر إلي مصلحة أمريكا أولاً وإلي السلام العالمي ثانياً.
لكن السؤال: ماذا لو نفذ القس تيري جونز تهديده وأحرق المصحف أو عدة مصاحف؟! هل كان ذلك سيقضي علي الإسلام ويختفي القرآن الكريم من العالم؟!
هل كان هذا العمل سيشفي غليل هذا القس ومن هم علي شاكلته من المتطرفين سواء أكانوا من رجال الدين أو من الساسة أو من المواطنين العاديين؟!
لو أحرق الرجل ألف مصحف بالأمس.. أو أحرق كل المصاحف في العالم.. لن يفت ذلك في عضد المسلمين.. بل كانوا سيزدادون تمسكاً بدينهم. ولن يتأثر القرآن بحرق المصاحف لأنه محفوظ في القلوب والضمائر قبل أن يكون محفوظاً في الأوراق.
الله سبحانه وتعالي أنزل القرآن الكريم علي رسوله محمد صلي الله عليه وسلم ليكون هادياً ومنهاج حياة لبني البشر إلي أن يرث الله الأرض وما عليها.. وهو سبحانه الذي تكفل صراحة بحفظه من أي نسيان أو اندثار أو تحريف بالنقص أو الزيادة أو تغيير في الألفاظ والمعاني.. فقال: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
فالله سبحانه يؤكد في هذه الآية أنه هو مصدر هذا القرآن وأنه هو سبحانه الذي سيتعهده بالحفظ والصون.
وقد سمعت الإمام الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في محاضرة يقول: إنه علي الرغم من تقصير المسلمين في أمور كثيرة من شعائر دينهم فلم يؤدوها علي الوجه الأكمل إلا أنهم في المقابل يحرصون كل الحرص وغاية الحرص علي الحفاظ علي القرآن الكريم بإصرارهم علي تحفيظه لأبنائهم لكي يسكن دائماً صدورهم وقلوبهم.. ويحرصون علي طباعته طباعات فاخرة ويتفننون في ذلك بوجود مصاحف مختلفة الأشكال والألوان.
والآن يحرص المسلمون علي حفظه مسجلاً بأصوات جميلة سواء علي شرائط كاسيت أو علي أسطوانات "سيديهات".
ولا غرابة في أن تسمع أن طفلاً أتم حفظ القرآن وتجويده وترتيله وهو مازال غضاً في التاسعة من عمره أو أقل.. فهذه كلها معجزات ودلائل سماوية علي أن القرآن الكريم باقي بلفظه ونصِّه إلي يوم الدين ولن يسطيع جبار أو كفَّار أن ينال منه ناهيك عن قس أخرق لا حول له ولا قوة.
تراجع القس بضغوط عالمية أنقذ أمريكا أولاً والعالم ثانياً من أعمال لا مسئولة عواقبها كانت ستكون وبالاً علي الجميع.