الاشراف عضو نشيط
المشاركات : 60 التقييم : 0 النشاط : 141 سجل فى : 18/11/2009
| موضوع: خطبة بعنوان الأمن في الإيمان للشيخ : ( عبد الرحمن السديس ) الخميس ديسمبر 03, 2009 4:52 pm | |
|
خطبة بعنوان الأمن في الإيمان للشيخ : ( عبد الرحمن السديس )
الأمن في الإيمان
إن الإيمان بالله عز وجل طريق للسعادة الدنيوية والأخروية، وسبيل الأمن والحياة الطيبة، فكلما اعتصمت الأمة بربها، وهبها من الأمن والعيش الهنيء الشيء الكثير.
وإن من أعظم ما يسبب اختلال الأمن والاستقرار، وحدوث المحن والاضطرابات هو انتهاك وارتكاب المعاصي والسيئات.
دور الإيمان في نشر الأمان
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، وخيرته من رسله وصفوته من خلقه وأمينه على وحيه، معلم البشرية، وهادي البرية، ومجدد لواء الحنيفية، ومزعزع كيان الإلحاد والوثنية، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الأخيار، وصحبه الأبرار، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعــد:
أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى حق التقوى، إن تقوى الله جل وعلا سلاح المؤمنين في الأزمات، والأمة المتقية أمة منصورة، أمة عزيزة مرهوبة الجانب يهابها أعداؤها.
أيها الإخوة في الله: إن الإيمان بالله سبحانه وتعالى طريق للسعادة في الدنيا والآخرة، وسبيل إلى الأمن والأمان:الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82].. وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:55].
أيها المسلمون: لقد كان الناس قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم في جاهلية وضلال، في خوف وذعر واضطراب، فجاء الله بهذا الدين، وكتب لهذه الأمة الأمن والأمان، والنصرة والعزة والسعادة؛ إن هي نصرت دين الله: وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47].. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]^.
فواجب المسلمين -أيها الإخوة في الله- أن يحققوا أساليب النصر، وأن يسعوا إلى كل ما من شأنه رفعة مكانتهم في الدنيا والآخرة، ولن يكون ذلك إلا بالتمسك بالإسلام، بحفظ حدود الله، وبشكر نعم الله عز وجل، وبالوقوف عند حدوده سبحانه وتعالى، وبالحذر من الذنوب والمعاصي.
أمة الإسلام: ما أنعم الله على عباده نعمة بعد نعمة الإيمان أعز من نعمة الأمن في الأوطان، وهل تكون حياة وسلامة واستقرار مع الخوف والذعر والاضطراب؟!
إن عمران الحياة لا يكون إلا بالأمن، وإن الأمن لا يكون إلا بالإيمان بالله سبحانه، ونصرة دين الله جل وعلا، والاستقامة على شرعه، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن الحياة الهانئة الطيبة الآمنة المطمئنة لا تكون إلا تحت ظلال الإيمان والعمل الصالح: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97]^.
فليكن كل مسلم عيناً ساهرةً أمينةً على تحقيق الأمن لنفسه، وتحقيق الأمن لمجتمعه، وتحقيق الأمن لأمته الإسلامية جميعاً.......
اختلال الأمن والاستقرار بالذنوب والأوزار
أيها الإخوة في الله: إن كل ما يعكر صفو الأمن في المجتمعات يكون بمخالفة شريعة الله سبحانه، والوقوع في الذنوب والمعاصي التي هي الضرر العظيم، والشر الكبير، والخطر المستطير: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11].. ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الأنفال:53].. أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165].
فالمعاصي والمحرمات والذنوب والمنكرات ما كانت في ديار إلا أهلكتها، ولا في مجتمعات إلا دمرتها.
فعليكم -يا عباد الله- باللجوء إلى ربكم وطاعته سبحانه، والبعد عن الذنوب والمعاصي، والبعد عن الإشراك بالله، والبعد عن كل ما يخالف عقيدة التوحيد، والبعد عن ترك الصلاة، والبعد عن كل ما حرم الله سبحانه من الربا والزنا والسرقة والخمر، وما إلى ذلك من ضروب المحرمات والمنكرات؛ التي حرمها ديننا الإسلامي الحنيف.
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الإله فإن الإله سريع النقم
فإن نعم الله -يا عباد الله- على خلقه كثيرة لا تحصى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]^، ولكن بقاء هذه النعم وقرارها، إنما يكون بشكرها، وشكرها لا يكون باللسان وحده، وإنما بالعمل بشريعة الله، والتمسك بدين الله جل وعلا، والالتزام بحدوده، والبعد عن المحرمات كلها: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7].
| |
|