الوسطية سبيل وحدة المسلمين

يقول الأستاذ سعيد حوى في كتابه جولات في الفقهين الكبير والأكبر وأصولهما

((....ويصعب على كل الناس أن يلتزموا بالحد الأعلى من الشريعة بشكل دائم لأن ظروف الناس متفاوتة، ولو كان الشارع لم يرد أن تراعى الحالات المختلفة لجعل نصوص الشريعة بحيث لا يكون في القضية الواحدة إلا وجه واحد، فشيء عادي إذن أن تكون بعض القضايا فيها أكثر من رأي والمفروض في هذه الحالة أن تسعى التربية الإسلامية إلى جعل المسلم في القمة وفي الوقت نفسه ينظر بعين العذر إلى أولائك الذين لا يستطيعون الإرتقاء إلى القمة.
ولكن يحدث أحيانا ان هؤلاء الذين لايستطيعون الإرتقاء إلى القمم العليا ينظرون إلى الآخذين بالعزائم بعين الإنتقاص.

فمثلا القمة في موضوع الحجاب الإسلامي أن تستر المرأة المسلمة جسدها كله بما في ذلك الوجه، وهناك أقوال أخرى تبيح كشف شيء مما دون ذالك.
والمفروض بالمسلم المعاصر أن ينظر للمرأةتستر كل شيء باكبار، ولكن غلطا يقع فيحمل مسلم جاهل على هذا الإلتزام العالي نحو الله ، وفي المقابل نجد ناسا يطالبون كل إمرأة بهذه القمة وينكرون على من تلتزم بحد أدنى من الشريعة في هذا الشأن في عصر ساءت ظروفه وتعددت ضغوطه حتى أصبح الإلتزام بالحد الأدنى في بعض البيئات يعدل مقام الصديقية في عصور أخرى.

من ثم قال علماء المسلمين :إن المرشد لا يتقيد بمذهب لأن مذهبا واحدا لا يسع الناس، ولا يسع الحالات...
إنما عليه أن يكون ذا بصيرة نافذة يدرك بها جوانب الضرورة في كل دعوة، وأن يكون ذا إدراك شامل يضع به كل شيء ضمن حدوده......والمعصوم هوالكتاب والسنة
التعصب المذهبي إن كان كأثر عن قناعة مطلقة في قضية بأنها الحق وبالتالي أن يتمسك بها صاحبها قولا وعملا ويدافع عنها بمنطق الحق والعدل لابمنطق الهوى، وبمنطق الإخلاص لا بدافع دنيوي ، وبروح الأخوة الإسلامية لا بروح الفرقة الكافرة ، فذالك لا حرج فيه بل ذالك الذي عليه الصحابة ولكن أن يضيق الإنسان واسعا بأن يسفه من ليس على رأيه ويضللهم ويجهلهم في قضية للإجتهاد فيها محل ،فذالك الخطأ كل الخطأ

فإن الشافعي يقول: ( أجمع العلماء على ان الله لا يعذب فيما اختلف فيه العلماء)

وما أجمل أن يكون الإنسان محبا للحق فلا تدفعه عصبية لحق ان يرفض حقا آخر.....

أن نحقق بعض المسائل أو أن نحقق كل المسائل إذا كنا نستطيع التحقيق هذا شيء طيب ولكن أن يدعي أحد لنفسه مقام التحقيق المطلق وينكره على غيره فهذا خطأ ، ثم أن يحقق الإنسان فهذا شأنه ولكن أن يدعو الأمة إلى نبذ تحقيق أهل التحقيق فهذا خطأ ...))

- يقول ابن القيم في شفاء العليل:
( وأرباب هذه المذاهب مع كل طائفة منهم خطأ وصواب. وبعضهم أقرب إلى الصواب وبعضهم أقرب إلى الخطأ ، وأدلة كل منهم وحججه إنما تنهض على بطلان خطأ الطائفة الأخرى ،لا على إبطال ما أصابوا فيه...و أهل السنة وحزب الرسول صلى الله عليه وسلم لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، بل هو مع هؤلاء فيما أصابوا فيه ، وهم مع أولئك فيما أصابوا فيه ، فكل حق مع طائفة فهم يوافقونهم فيه وهم براء من باطلهم ...فمذهبهم جمع حق الطوائف بعضه على بعض والقول به ونصره ..ونفي باطل كل طائفة وكسره..)



إن القضية التي لابد من إيضاحها كما يقول الأستاد عمر عبيد حسنة أن الإسلام والعمل الإسلامي ليس ملكا لجماعة أو حزب او جمعية ، وليس حكرا على احد حتى يتصرف به كيفما يشاء ويمارسه كما يريد إنه ملك للأمة جميعا التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بان من خصائصها، أنها تمارس عملية التصويب ولا تتواطأ على الخطأ والضلال، وجعلها بحسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خير امة اخرجت للناس ....وان نتائج العمل الإسلامي ومضاعفات أخطائه سوف تعود على الأمة جميعا بل وعلى الحضارة الإنسانية .

من هنا نقول :لابد لنا جميعا من السهر على ترشيد العمل الإسلامي والحراسة الدائمة للقيم الإسلامية الأصيلة وإدانة كل ألوان الرفض والخروج والمغالاة وتجاوز عقدة الوهم من ان إدانة دالك قد يوظف لصالح أعداء الإسلام ، فنتوقف عن المناصحة ونسكت عن الحق تحت شعار درء المفاسد مقدم على جلب المصالح...دالك ان السكوت عن الإنحراف والباطل وتشويه صورة الإسلام يحمل من المخاطر المستقبلية في مسيرة الإسلام الطويلة مالا يقارن ببعض الإصابات والأدى الموقوت ، الدي يمكن ان يستغله العداء.عمر عبيد حسنة كتاب :حتى لاتكون فتنةص 111

وعليه وبناءً على نقاط يجب الإتفاق عليها اولا وهي :

1- وجوب رد التنازع إلى الله ورسوله الكتاب والسنة

2-تحر الحق سواء طهر على لسان علمائنا او خصومهم تاسيل بقول الشافعي :" ما ناظرت احداً إلاَ رجوة الله ان يظهر الحق على لسانه "

3-ضرورة أخذ الكلام على الوجه الصحيح إحسانا بالظن.

4-لاعصمة لأحد عند الله إلا للكتاب والسنة.

5-يقول ابن تيمية : "أهل السنة والجماعة يأخدون الحق الذي عند كل طائفة "

6-لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن اهل بدر، وأهل بدر فقط :" اللهم إن تهلك هده العصبة فلن تعبد في الأرض " الأمر الدي لم يكن ولن يكون لغيرهم كائنا ما كان وفي اي عصر كان.
7- ومن سنن الله في التدرج وحكمة الله سبحانه وتعالى ورحمته بنا ان العقل يحتاج إلى نضج فكري يستمده من أخد العبرة من الأمم السابقة ومن مختلف المذاهب الإسلامية.

وعليه علينا أن نسلم انه ليس هناك أي سبب يمكن تعليل الإختلاف به ثم يكون هدا السبب راجعاً إلى الدين ، فالإسلام كما لايخفى علينا دين الحق والحق أحق ان يتبع وفي الدين دعوة صريحة إلى الإئتلاف و الوحدة والتقارب والمودة وفي القرآن الكريم من النصوص الصريحة الداعية إلى الوحدة ما يغني عن أي دليل.