فؤاد عزام فضيلة الدكتور
المشاركات : 379 التقييم : 10 النشاط : 591 سجل فى : 15/12/2009
أوسمة العضو :
| موضوع: الشريعة الإسلامية وأثرها في بناء الشخصية المسلمة الجمعة أغسطس 13, 2010 11:46 am | |
| الشريعة الإسلامية وبناء الشخصية المسلمة من مميزات الشريعة الإسلامية ذلك الترابط الشديد بين جوانبها المتنوعة مما يؤكد لك أنها وحدة واحدة ولا يمكن أن تتجزأ , وهذه سمة أساسية في دين الله تعالى الذي أنزله على المرسلين جميعا مع اختلاف شرائعهم . والالتزام ببعض الشريعة والتحلل من بعضها شيء عابه الله تعالى على اليهود قديما فقال :(أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(البقرة: من الآية85) ولمزيد من الإيضاح فإن هناك ارتباطا وثيقا بين العبادات المحضة مثل الصلاة والصيام والحج وذكر الله وبين الأخلاق النفسية والاجتماعية وبين الحياة المادية وما يكسبه الإنسان من حلال أو حرام ، فكل هذه العناصر بينها تكامل قوي بحيث يؤثر كل منها في كمال الآخر وقبوله عند الله فإذا أديت على الوجه الأتم أو قريبا منه فإنها مرشحة للقبول من الله سبحانه , وإذا تخلف أحدها كان الباقي مردودا على صاحبه . وقد يبدو في هذه النظرة شيء من الغرابة وقد تثير علامات استفهام كثيرة عند البعض , ولكنها ليست ( نظرة ) من بنات الفكر ولا من مخترعاته إنما هي حقيقة ناصعة دلت عليها النصوص الشرعية وأكدتها . ومن أمثلة ذلك ما تلحظه من ترابط بين العبادة والكسب الحرام , فقد ترى شخصا يؤدي الخمس بنوافلهن ، وربما أدى فريضة الحج أكثر من مرة , وربما تعطف على المحتاج والمسكين بما سمحت به نفسه ,ولكنه لا يتورع عن مال مشبوه ويأكل من حرام ولا يبالي محتجا بأن أكثر أهل الزمان يفعلون ذلك , وأن هذه الطريقة ديدن هذا العصر وأنه لولا ذلك ما استطاع أحد أن يحيا حياة كريمة !!!. ومع تفاهة هذه الحجج التي لا تثبت أمام العقول المتزنة السوية فإن كل ما فعله من خيرات , وما اجتهد فيه من حسنات مردود عليه , وكيف يكون البناء على غير أساس؟. وتأمل معي في الأحاديث النبوية الآتية : عن ابن عمر قال : من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة ما دام عليه قال ثم أدخل إصبعيه في أذنيه ثم قال صُمَّتَا إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سمعته يقوله . مسند أحمد بن حنبل ج2 ص98. ألا يدلك هذا الحديث على أن الذي يلبس ثوبا في ثمنه شبهة من حرام لا يقبل الله منه صلاة . كما يدلنا الحديث الآتي على أن من يحج بمال حرام حجه مردود عليه : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(("إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ حَاجًّا بنفَقَةٍ طَيِّبَةٍ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ، فَنَادَى: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، زَادُكَ حَلالٌ، وَرَاحِلَتُكَ حَلالٌ، وَحَجُّكُ مَبْرُورٌ غَيْرُ مَأْزُورٍ، وَإِذَا خَرَجَ بِالنَّفَقَةِ الْخَبِيثَةِ، فَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ، فَنَادَى: لَبَّيْكَ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لا لَبَّيْكَ وَلا سَعْدَيْكَ، زَادُكَ حَرَامٌ وَنَفَقَتُكَ حَرَامٌ، وَحَجُّكَ غَيْرُ مَبْرُورٍ )) . المعجم الكبير ج 20 ص40. والحديث الآتي حديث جامع في هذا الموضوع : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا لِمَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ قَالُوا وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ . وَلَا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ , وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ وَلَا يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلَّا كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ إِنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيث)) مسند الإمام أحمد ج6 ص 189. وهكذا يظهر بوضوح تام أن الكسب من طريق غير مشروع يفسد حياة المسلم , ويجعله بغيضا عند ربه مهما فعل من خيرات فإن صلى فصلاته غير مقبولة , وإن زكى وتصدق من ماله كان كمن يتطهر بماء غير طاهر , وإن حج بشره الملك بالرسوب قبل الخروج من بلده , وإن أنفق على نفسه وأهله فلا بركة وكان كمن يأكل ولا يشبع , وإن مات كان ما تركه زادا يتزود منه في رحلته إلى جهنم . ألا يدل ما سبق على ذلك الارتباط العضوي الحيوي بين أجزاء الشريعة الإسلامية المشار إليه في بداية المقال ؟. ألا يدل هذا على خسران : المرابين , والمرتشين , وآكلي المال العام , والمطففين , والموظفين الذين يحسنون أخذ حقوقهم من الصرافين ولا يراعون الله فيما ولاهم من أعمال أيا كانت ,والغشاشين الذي غشوا كل شيء حتى الدواء , بل حتى ما تأكله البهائم المسكينة التي أطعموها الطين والقذر جهرة على عين الله وأمام أعين الناس الذين اكتظت بهم المستشفيات والمقابر من هذا الصنيع ؟ ومن أمثلة هذا الارتباط الحيوي أيضا ذلك الارتباط بين الإيمان والعمل الصالح والحياة الاجتماعية . ولكي لا أطيل تأمل النصوص الآتية : عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (( وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ ثَلَاثًا "، قَالُوا: وَمَنَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " الْجَارُ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ "، قَالُوا: وَمَا بَوَائِقُهُ، قَالَ: " شَرُّهِ ")) شعب الإيمان للبيهقي 12/86. فالذي لايأمن جاره من أذاه لا يكتمل إيمانه وهل هناك شيء أعز من الإيمان ؟ إنه قاعدة الأعمال الصالحة كلها ومع هذا يؤثر فيه شيء يحسبه كثير من الناس هينا بسيطا وهو عند الله عظيم . وهو أذي الجار. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " تُفْتَحُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا امْرَءًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ، قَالَ: فَيَقُولُ: أَنْظِرْ هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ . شعب الإيمان 5/379. ما رأيك عزيزي القاريء ؟ ما رأيك وأنت صائم ؟ ما رأيك وأنت في رمضان ؟ وإليك الحديث برواية أخرى : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ قَالَ فَقِيلَ لَهُ قَالَ فَقَالَ إِنَّ الْأَعْمَالَ تُعْرَضُ كُلَّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ أَوْ كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَوْ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ إِلَّا الْمُتَهَاجِرَيْنِ فَيَقُولُ أَخِّرْهُمَا. المسند 14/98. وكيف يكون الحال إذا كان الخصام وكان الهجران بين الابن وأمه والابن وأبيه ؟ هل يقبل الله معه عبادة أو يصعد إليه كلم طيب ؟ أو يرفع إليه عمل صالح ؟ . من هذا يتأكد لك أخي الكريم أن الشريعة التي تؤمن بها لا تتجزأ ولا ينفصل بعضها عن بعض ولهذا فإنها – لو طبقت -تصنع الشخصية المتكاملة من كل جوانبها فالمسلم السوي يؤدي عبادته لربه في خضوع وإخلاص , فهو متزن روحيا ونفسيا ,ولا يأكل حراما ,فهو متزن وسوي اقتصاديا ، ويؤثر المسالمة والحياة المطمئنة , فهو متزن وسوي اجتماعيا . وإن أردت أن تشاهد هذا النموذج حيا أمامك فاقرأ سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عدل سابقا من قبل فؤاد عزام في الجمعة أكتوبر 08, 2010 9:06 am عدل 5 مرات | |
|
محمد شلبي دكتور التفسير وعلوم القرآن
المشاركات : 96 التقييم : 10 النشاط : 136 سجل فى : 10/04/2010
أوسمة العضو :
| موضوع: رد: الشريعة الإسلامية وأثرها في بناء الشخصية المسلمة الجمعة أغسطس 13, 2010 4:41 pm | |
| نعم يا أستاذنا الكريم وهل الإسلام إلا عقيدة تهوي إليها أفئدة الناس وشريعة تحكم سلوكهم وتوجههم إلى سواء الصراط وانظر إلى حال البشرية حين تعرى عن الدين لا يكونون إلا كائنات لا تستطيع أن تصنفها تحت جنس أو نوع من أنواع الأحياء فلا هم اندرجوا في عداد الحيوانات التي ينتفع بها في الحرث والنسل الأكل ولا هم ارتفعوا إلى مستوى البشر المكرمين بالعقل والفهم والإدراك ولكم شغلني هذا الأمر وفكرت فيه ورأيت أن ما نحن فيه من تخلف وتراجع وانحطاط إنما نتج عن ذلك الانفصام بين العقيدة وبين السلوك وهذا التدني الذي يرتكس فيه أبناء الإسلام ناتج عن انسلاخهم من قيود الدين وحسبانهم الإسلام مقصورا على تلك الركعات التي يركعونها بلا خضوع أو خشوع ثم يبرحون المساجد بقلوب لم تتغير وسلوك لم يتبدل لقد فتشت عن الإسلام بين الملسلمين فلم أجد له مكانة أو حتى مكانا وهذا مما يدمي القلب والعين إن القرآن لم ينزل كي ننغمه ونرتله بألسن لا علاقة لها بالقلوب وكم شكى الصالحون وأهل العلم من هذا البعد والخصام بين الدين وبين سلوكيات الناس وأنت خبير بأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام التي تخرج من الدين أولئك المخالفين للسلوك السوى والطريق المستقيم الذي خطه لهم الله ورسوله كما ذكرت فضيلتك عن الجار وعمن يبيت شبعان وجاره جائع وعمن يغش المسلمين وغيرهم كثير من المنحرفين عن الطريق القويم الموضوع في الحقيقة ليس مهما فقط كما وصفته يا دكتور فؤاد بل هو في غاية الأهمية ودعوات الأنبياء إنما جاءت لتقويم السلوك المنحرف بعد الدعوة إلى التوحيد مباشرة ولعل هذا واضح في قصص الأنبياء في سورة الشعراء والأعراف في قصص نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام من الدعوة إلى الفضيلة والبعد عن الرزائل كما هو واضح في ثنايا السورتين اسأل الله أن يجزيك الجزاء الأوفى وأن يرد المسلمين إلى منهاج الحق والعدل وأن يجعلنا وإياك من الدعاة إليه على هدى وبصيرة وكفى بربك هاديا ونصيرا | |
|
فؤاد عزام فضيلة الدكتور
المشاركات : 379 التقييم : 10 النشاط : 591 سجل فى : 15/12/2009
أوسمة العضو :
| موضوع: رد: الشريعة الإسلامية وأثرها في بناء الشخصية المسلمة الجمعة أغسطس 13, 2010 5:27 pm | |
| أخي الفاضل الدكتور محمد شلبي لاحرمنا الله من تعليقاتك الثمينة ولكن وكما نقول لك دائما : هذا لايكفينا ونحن في شوق إلى مقالاتك وإبداعاتك رمضان كريم | |
|