محمد شلبي دكتور التفسير وعلوم القرآن
المشاركات : 96 التقييم : 10 النشاط : 136 سجل فى : 10/04/2010
أوسمة العضو :
| موضوع: النصر في الإسلام: محاولة لخلق أبعاد جديدة للنص القرآني (2) الخميس أبريل 15, 2010 4:13 pm | |
| النصر في الإسلام: محاولة لخلق أبعاد جديدة للنص القرآني
الحمد لله على ما أنعم، والشكر له على ما أولى وألهم، وفهَّم وعلَّم، وصلوات الله وتسليماته ورحمته وبركاته على نبيه المكرم، المفخم المعظَّم، محمدٍ صلى الله عليه وسلم وبعد فلا زلنا في رحاب الكتاب الخالد نستلهم أبعادا جديدة لمفهوم النصر لعلها أن تكون معالم هداية لأبناء الدعوة الذين يحتاجون إلى استلهام روح القرآن الذي جعله الله تعالى روحا من أمره ونورا يهدي به من يشاء من عباده وقد سلف الحديث عن مفهوم من مفاهيم النصر وهو: الانتصار في المعارك الفكرية والرد بالحجة والدليل على أعداء الدين ولكن معارك النصر التي يمكن أن يخوضها المسلم بغير سيف أو رمح لا تزال مفتوحة الأبواب أمام من يريد أن ينصر الله ورسوله ومفهوم النصر الذي نلمحه اليوم هو النصر في معارك الالتزام على منهاج الله وطريقه، ومحاربة العوائق التي تعوق المسلم عن أن يحيد أو تزل قدمه في طريقه إلى الله تعالى 2- فحين نقرأ قول الله تعالى في سورة محمد:( يا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ الله يَنصُرْكُمُ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ) نرانا أمام نصرين، أو قل نوعين من النصر: نصر لله، ونصر من الله، وإذا نحن تركنا للعقل أن يفسر النصر من الله بأنه المعونة والوقوف إلى جانب المؤمنين في حروبهم ومعاركهم مع أعداء الله وأعداء المؤمنين؛ فماذا عسى هذا العقل أن يفسر نصرنا لله؟؟ أيُعقل أن يفسَّر بمثل ما فسرنا به نصر الله لنا؟؟؟ إن ذلك لمحال؛ إذن فلنبحث عن تفسير لنصرنا لله يخرج بنا عن دائرة الخطل والخطأ ؛ إذ ليس يُعقل هذا المعنى مع الله تعالى؛ هل ترى رب العزة محتاجا إلى نصرة أحد من خلقه، حتي يعلِّق نصره للمؤمنين على نصرتهم له أوَّلا؟؟؟!!! إن أحدا لا يشك في جواب ذلك إلا أن يكون ، ملحدا شقيا، أو جاهلا غبيا؛ فما يحتاج رب العالمين إلى أحد ينصره، وإنما هذا النصر هو نصر دينه ونبيه صلوات الله عليه، إذن فنصر المؤمنين لله تعالى إنما يكون بخوض معاركهم في الحياة لنصر دينه وشرعه وإنها لمعركة شرسة تلك التي يخوضها المسلم في حياته عندما يلتزم بأمر مولاه، إنه سيواجه حتما معارك ضارية ضد تقاليد بالية، وعقائد زائفة، ونفوس مريضة، وقلوب حاقدة، وهمم متدنية، وشخصيات تركن إلى ظلال الراحة والدِّعة، وعليه أن يثبت على مبدأ الحق أمام هذه الجيوش مجتمعة. والذي يعينه على الثبات أن يعلم أن انتصاره في معركته ضد من يعادونه إنما هو انتصار لله وللرسول، وهذا ما من أجله ورد التعبير على ما ورد عليه في آيتنا التي نحن في ضيافتها، حيث ورد التعبير عن نصرة الدين بنصر الله المعلومِ بداهةً استغناؤه عن نصر الناصرين، بل هو الذي ينصر ويمنع، ويعز ويرفع وهو أسلوب درج القرآن على ذكره كلما أراد التنبيه على خطورة ما يدعو إليه وضروررة إعطائه فضل رعاية، وإرعائه مزيد نظر، كما في قوله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) فإن أحدا لا يستطيع -بالغة قوته ما بلغت- أن يتقدم بين يدي الله تعالى، وإنما هو ارتفاع بمقام سيد الخلق -صلوات الله عليه- وبيان أن التقدم بين يديه لا يقل خطورة وجرما عن التقدم بين يدي مرسله ومنبيه، وهو رب العالمين جل في علاه وعلى هذا النحو ورد قول الله تعالى: ( إن الذي يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيدهم)، بيانا لعظمة ذلك الفعل وهو مبايعة المصطفى عليه الصلاة والسلام التي هي في أهميتها كبيعة رب العزة جل وعز، وأكد المعنى بقوله (يد الله فوق أيدهم ) بيانا للنصرة والمنعة التي يحظى بها من بايعوا ونصروا ونعود إلى آيتنا لنرى أن نصر الله غير ممكن لعجز البشر عنه، وإنما نصر الدين والملة والثبات على ذلك ، والتعبير بالنصر يشير من طرف خفي إلى أن معركة ستقوم وعلى المسلم أن يلزم جانب الله وأن يدافع عنه كي يحظى بالنصر من الله تعالى واهب المنن فالمسلم يمضي في الحياة وفي داخله نفس محارب واقف على ثغر من ثغور الدين لا يبرحه ولو كلفه ذلك حياته ولقد ضرب أصحاب محمد -رضوان الله عليهم- أروع الأمثلة في ذلك فخاضوا حربا ضروسا ضد مبادئ قومهم واستهزائهم وصياغة الآية على هذا الأسلوب أعني أسلوب الشرط والجزاء، مما يبعث في نفس المؤمن أن معركته منتصرة لا شك في ذلك ولا ريب، فإن ذلك وعد من الله –تعالى- وكلام الله لا شك فيه ولا يحتاج إلى مؤكدات وضمانت، فكيف إذا أورده مع ضمانات ومؤكدات إن ذلك تثبيت للمسلم وتطمين له أنه منتصر لا شك في ذلك، وهذا ما نقرؤه في قوله تعالى: ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) فجاءالتأكيد إشارة إلى أن المؤمن في معركته في طريق الله ربما يتأخر النصر بعضا من الوقت بل ربما يغيب ردحا من الزمن فجاء التأكيد لبيان أن لا ينبغي أن تكون الظروف حائلا أمام المؤمن دون رؤية الحق وإن بعد الطريق وطال فهو ينظر إلى النصر من مكان بعيد ويراه آتيا وإن طال عليه الأمد وعلى المسلم أن يكون ناصرا لله تعالى بالتزامه على طريقه لا يحيد عنه ما ترددت في صدره أنفاس الحياة، فمع كل نفس يتنفسه تتجدد له نصرةٌ لله وللرسول، وهذا ما ألمح إليه الإمام البقاعي رحمه الله تعالى حين فسر(تنصروا الله) بقوله:" يتجدد لكم نية مستمرة وفعل دائم على نصرة دين الملك الأعظم بإيضاح أدلته وتبيينها وتوهية شبه أهل الباطل وقتالهم ، ويكون ذلك خالصاً له لا لغيره من النيات الفاسدة المعلولة بطلب الدنيا أو الشهرة بالشجاعة والعلم وطيب الذكر الغضب للأهل وغير ذلك" ا.هـ فقوله رحمه الله" يتجدد لكم نية" بيان لوجوب الالتزام الدئم على منهاج الله تعالى، وهو ما يسمى في عرف أهل الملة الإسلامية ب(الاستقامة) وهي لزوم طريق الحق طوالَ العمر وأبدَ الدهر دون انحراف أو ميل أو إرادة ميل، فيمضي المؤمن في الحياة وعلى لسانه قول الشاعر قف دون رأيك في الحياة مجاهدا إن الحياة عقيدة وجهاد وإن هذا الجهاد ليصل في بعض الأحيان إلى درجة العشق حتى لكأن راحة ذلك الإنسان لا تكون إلا وسط هذه الأمواج العاتية التي يصارعها كل يوم ، ولولا هذه المعارك ما ذاق طعم الحياة ولانزوى وحده في ركن بعيدا عن تلك الحياة الهادئة التي لا يحبها إلا الكسالى النائمون ولولا ارتياحي للنضال عن الهدى لفتشت عن واد أعيش به وحدي
| |
|
فؤاد عزام فضيلة الدكتور
المشاركات : 379 التقييم : 10 النشاط : 591 سجل فى : 15/12/2009
أوسمة العضو :
| موضوع: رد: النصر في الإسلام: محاولة لخلق أبعاد جديدة للنص القرآني (2) الجمعة أبريل 16, 2010 4:56 am | |
| د محمد ..... جزاك الله خيرا على سهولة العرض وإزالة اللبس وتوضيح المفاهيم وفقك الله لمزيد من النصر | |
|
محمد شلبي دكتور التفسير وعلوم القرآن
المشاركات : 96 التقييم : 10 النشاط : 136 سجل فى : 10/04/2010
أوسمة العضو :
| موضوع: رد: النصر في الإسلام: محاولة لخلق أبعاد جديدة للنص القرآني (2) الجمعة أبريل 16, 2010 9:37 am | |
| شكرالله لك مرورك يا دكتور فؤاد وجزاك عنا خيرا نسأل اله تعالى أن يعلمنا وإياك من علمه المخزون وأن يصوننا بسر اسمه المصون | |
|