من تراث شيوخ الأزهرالقدامي/ الشيخ محمد الخضر حسين وبعض أدبياته

لمن لا يعرفه هو الأستاذ الجليل والشيخ العالم العابد الزاهد/ محمد الخضر حسين، شيخ الأزهر الأسبق، ولد –رحمه الله- في 26 رجب 1293هـ الموافق/16 أغسطس 1876م بمدينة (نفطة) في تونس.
قدم –رحمه الله- القاهرةَ سنة 1920 م، واشتغل بالبحث وكتابة المقالات، ثم عمل محررًا بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، واتصل بأعلام النهضة الإسلامية في مصر وتوثقت علاقته بهم، ثم حصل على الجنسية المصرية، وتقدَّم لامتحان شهادة العالمية بالأزهر، وعقدت له لجنة الامتحان برئاسة العلامة عبد المجيد اللبان مع جماعة من علماء الأزهر، وأعجبت به تلك اللجنة، وبلغ من إعجاب رئيسها بالطالب أن قال: "هذا بحٌر لا ساحل له، فكيف نقف معه في حِجاج".
حصل على عضوية هيئة كبار العلماء برسالته "القياس في اللغة العربية" سنة (1370 هـ= 1950م)، ثم اختير شيخا للأزهر في 26 ذي الحجة 1371هـ/16 سبتمبر 1952م). استقال في (2 جمادى الأولى 1372 هـ /7 يناير 1954م).
كان قبله في مشيخة الأزهر المرحوم الشيخ عبد المجيد سليم البشري، وخلَفه بعد استقالته المرحوم العالم الجليل الشيخ/ عبد الرحمن تاج
انتقل –رحمه الله- إلى الدار الآخرة في 13 رجب 1377 هـ /28 فبراير 1958م
كان رحمه الله من أجلة العلماء وكبارهم، لم يشغله المنصب ولاالكرسي عن الله تعالى، ولم يكن يخشى في الحق لومة لائم، ومن أمثلة ذلك أنه في عام 1953م حدث اعتداء فرنسا على سلطان المغرب محمد الخامس، وأُبعد عن بلاده، لكن بعض القبائل العميلة للاستعمار الفرنسي آزرت المعتدي، فعقد الإمام الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين جلسة لهيئة كبار العلماء، وأصدر بيانًا شديد اللهجة ضد عدوان فرنسا على السلطان الشرعي، واعتبر البيان أن العملاء الخونة خارجون عن الإسلام؛ لموالاتهم الكافر المغتصب.وأرسل البيان إلى جريدة (الأهرام فعرضت الجريدة على المسؤولين هذا البيان، فطلبوا إرجاء نشره، وفي الصباح لم يجد الشيخ بيان هيئة كبار العلماء منشورًا في الجريدة، فأرفق مع استقالته صورة من البيان وأرسلها إلى رئيس الجمهورية، فنُشر البيان كاملاً في اليوم التالي؛ تجنبًا لمصادمات قد تحدث مع الأزهر شيوخًا وطلابًا حين تُشاع الاستقالة.
وذات يوم استدعاه وزير من وزراء الدولة، فأبى، وقال: "لا يملك دعوتي إلى مكتبه إلا رئيس الدولة"، فذهب إليه الوزير المذكور في اليوم التالي معتذرًا.
كان له مواقف مشهودة في الدفاع عن الإسلام، كوقوفه في وجه طه حسين ونقده لكتابه (في الشعر الجاهلي)، وكذا نقده لكتاب (الإسلام وأصول الحكم) للشيخ على عبد الرازق
كان رحمه الله حريصا أشد الحرص على مصلحة الإسلام المتمثلة في الحفاظ على الأزهر الشريف من تدخل أي يد غير متوضئة في شؤونه واختصاصاته، وكان يقول: "إن الأزهر أمانة قي عنقي، أسلمها حين أسلمها موفورة كاملة، وإذا لم يتأتَّ أن يحصل للأزهر مزيد من الازدهار على يدي؛ فلا أقل من أن لا يحصل له نقص" ، وكان كثيرا ما يردد: "يكفيني كوب لبن، وكسرة خبز، وعلى الدنيا بعدها العفاء
ومن أقواله أيضا في أحد مؤلفاته:" ولا نجهل أن القرون السالفة تمخَّضت فولدت رجالاً تمتلئ أفئدتهم غيرة على الحق والعدالة، فصغرت في أعينهم أبهة الملك، وازدروا بما يكتنفها من أدوات الاستبداد، فجاهروا بالنصيحة المُرَّة"
من أشعاره
للشيخ رحمه الله تعالى ديوان شعر بعنوان"خواطر الحياة"، وإليكم بعضا من شعره حول قضية الصداقة والمودة بين الأصدقاء وهو من أجمل شعر قرأته
يقول:
أيصفو لي من الأصحاب خلٌّ * لـه أدبٌ أرق مـن السُّلافِ
أَهـيم بـه الحياةَ وما هيامي * بـغير الألـمعية والـعفافِ
يناقش أو يخالف بعض رأي * فـأبهج بـالنقاش وبالخلافِ
وأوثـر أن أكون محبَّ حرٍّ * فحرُّ الرأي أمثَلُ من تصافي

ويقول أيضا:
أريد أخاً كالماء يجري على الصفا * نقياً فيصفو لي على القرب والبعدِ
وأرسلت لحظ الفكر في القوم ناقداً * وأوصـيته ألا يـبالغ فـي النقدِ
فلا ضير في ودٍّ تغاضيت فيه عن * لـواذعَ يـأتيها الـصديق بـلاعـمدِ
فعاد وكم لاقى لساناً مماذقا * ومـن خـلفه قـلبٌ خليٌّ من الودِّ
ولولا ارتياحي للنضال عن الهدى * لـفتَّشْت عن وادٍ أعيش به وحدي

وقال في ( المحبة الصادقة )، تصويراً للصداقة الصحيحة:
نُـبِّـئْتُ أنــك مـوجـعٌ * فـارتاع قـلبي وانـتفض
مـا ضـر لو كنتُ المري * ضَ وزال عن خِلي المرض
وجـع الـقلوب أشـد مـن * وجـع الـجسوم إذا عرض
لا خــلَّ إلا مــن يـبي * ت إذا مرضت على مضض

وهذه مقطوعة عنوانها ( الدعاء للميت خير من تأبينه؛ فهو خير ما يقدمه الصاحب لصاحبه بعد موته) قالها وهو على فراش المرض
تـسائلني هل في صِحابك شاعرٌ * إذا مِـتَّ قـال الشعَر وهو حزينُ
فـقلت لـها: لا همَّ لي بعد موتتي * سوى أن أرى أُخراي كيف تكونُ
وما الشعر بالمُغنِي فتيلاً عن امرئ * يُـلاقي جـزاءًا والـجزاءُ مُهينُ
وإن أحظ بالرُّحمى فماليَ من هوىً * سـواها وأهـواءُ النفوسِ شجونُ
فَـخَلِّ فـَعولنْ فـاعلاتنْ تقال في * أُنـاسٍ لـهم فـوق التراب شؤونُ
وإن شـئتَ تـأبينيْ فدعوةُ ساجدٍ * لـها بـين أحـناءِ الضلوع حنينُ

Traditional Arabic][center]رحمة الله عليه لقد كان عالما موسوعيا بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وله مؤلفات في فروع كثيرة من العلم، كان في ك فرع منها كما لو كان متخصصا فيه لا يحسن سواه ، نسأل الله أن يجعل من أبناءالإسلام من يستطيع حمل رسالة العلم والذود عن حياضه
موفقون

[/font[/center]]

لله درك يا أخي
أوحيت إلى أن أترنم بقول شوقي :
كانوا أجل من الملوك جلالة وأعز سلطانا وأفخم مظهرا
زمن المخاوف كان فيه جنابهم حرم الأمان وكان ظلهم الذرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن الكتابة عن أعلام العلم وفرسان الدعوة وقادة الثقافة اتجاه حميد في نشر العلم فالواحد من هؤلاء الأجلاء مدرسة وحده بل أمة وحده , والكتابة عنه تعتبر شعاعا من نور ينبه إليه المتعطشين في صحراء الثقافة , وهي كذلك باب يفتح إلى عالم ذلك العالم ومؤلفاته وسيرته
فجزاك الله خيرا كثيرا طيبا مباركا فيه

جزاك الله خيرا مولانا الشيخ محمد ونتمنى المزيد من نفحاتك في هذا المنتدى

جزاك الله خيرا يا شيخ يسري وحياك الله ونحن أيضا في انتظار نفحاتك المعبقة بنسيم الحب والشوق
ننتظرك على صفحات منتدي التفسير وعلوم القرآن نريد مساهماتك النافعة
وفقك الله يا أبا محمد وأدام عليك نعمه ظاهرة وباطنة

» عذرا يا حبيبي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم _ أنا المشتوم الشيخ ( محمد حسين يعقوب)
» خطبة للشيخ محمد حسان عن الرسول الأكرم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء وبعض الصحابة
» برنامج مفاتيح الخير للشيخان الافاضل / محمد حسان -- محمد حسين يعقوب
» برنامج مفاتيح الخير للشيخان الافاضل / محمد حسان -- محمد حسين يعقوب الحلقه الثالثه للشيخ / محمد حسان عنوان الحلقه حجيه السنه
» برنامج مفاتيح الخير للشيخان الافاضل / محمد حسان -- محمد حسين يعقوب الحلقه الثانيه للشيخ / محمد حسان عنوان الحلقه السنة و العلم الحديث